محور القراءة لعام 2024

مصر في القرن التاسع عشر

يدور موضوع القراءة للنسخة الأولى من جائزة القراءة الكبرى، عن "مصر في القرن التاسع عشر" ذلك القرن المشرق التي أضاءت مصر فيه نواحي عديدة من الفنون، والعمارة والثقافة، وغيرها، وظهرت به نخب مصرية من المفكرين والأدباء والعلماء، إثر البعثات التي أرسلها محمد علي باشا لأوروبا. وبدأت في تلك الفترة حركة التدوين والتأليف، وظهر المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي الذي ألف موسوعة التي تؤرخ للحياة اليومية بمصر، (عجائب الآثار في التراجم والأخبار)، كما شهدت مصر خلال هذا القرن رحلات مُكثفة من المستشرفين الذين افتتنوا بمصر، وخاصة بعدما جاء شامبليون ليفك أسرار الكتابة الهيروغليفية من خلال حجر رشيد.

توافد المستشرقون المبهورون بعظمة مصر، ودونوا عنها، واعتبروها أحد أهم مراكز الحضارة والفنون في الشرق، إذ يمتد تاريخها إلى الألف الخامس قبل الميلاد، فدونوا عن حضارة مصر بكامل فنونها، غير ظهور موسوعة وصف مصر التي ظهرت طبعاتها الأولى في بدايات القرن التاسع عشر، الموسوعة الرائعة التي ألفها علماء الحملة الفرنسية في أثناء تواجدهم بمصر، وعلى نهجهم سار إدوارد وليم لين، وأخذ يدون عن عادات المصريين المحدثين وشمائلهم في القرن التاسع عشر، كما طلب من أخته (صوفيا لين) أن تأتي لمصر، وتدون هي الأخرى عن مشاهداتها.

كان للبعثات التي أوفدها محمد علي باشا خاصةً لفرنسا أثرًا كبيرًا في تجديد الدماء في الحركة الثقافية والتعليمية المصرية، وبدأت النخب الثقافية والعلمية المصرية في الظهور، وتزامن هذا التجديد مع ظهور مطبعة بولاق، وتدشين صحفية الوقائع المصرية، الذي ترأس تحريرها فيما بعد أحد بواكير المثقفين، وخريجي هذه البعثات، المفكر المصري (رفاعة الطهطاوي) الذي كان سببًا في تأسيس مدرسة الألسن، ومن ثم نشطت حركة الترجمة في مصر.

مع اختراع آلة التصوير الفوتوغرافي كانت مصر تواصل مسيرتها الثقافية والفنية خلال ولاية محمد علي باشا وأسرته، منذ عام 1805، وبمجرد سماع محمد علي باشا بخبر اختراع آلة التصوير، قرّب إليه المصور الذي جاء بأول كاميرا إلى مصر وهو المستشرق الفرنسي الرسام "أميل جون هوراس فيرنيه".


نشر محمد علي باشا المدارس المختلفة لتعليم أبناء الشعب المصري، ومنها المدارس الحربية ومدارس الموسيقى العسكرية وغيرها من المدارس، و كان هناك العديد من المدارس الأخرى مثل مدرسة الألسن ومدرسة الولادة ومدرسة الطب أو مدرسة القصر العيني ومدرسة الطب البيطري ومدرسة الزراعة وغيرهم من المدارس ايضًا.

وهذه البذور التي زرعها محمد علي باشا، حصـدتها مصر في عهد الخديوي إسماعيل، حيث بدأت المشروعات الفكرية تتوالى (مشروعات علي باشا مبارك)، وانتشرت الصحف، وكثرت البعثات التعليمية، ولمعت النخب المصرية في كل المجالات والفنون الإبداعية والعلمية، حتى إن بعض الصحف تخصـصـت وعرفت بفكاهتها، فنجد عبدالله النديم خطيب الثورة العرابية يدشن صحفية "التنكيت والتبكيت"، ويعقوب صنوع المسرحي يؤسس لمجلة "أبو نظارة زرقاء"، وكان لظهور جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده، بالغ الأثر في تجديد الفكر القومي المصري، وبزر العديد من الشعراء الهامين محمود سامي الباردوي، رب السيف والقلم، ويلمع أسماء كعبده الحامولي والشيخ عبدالله المسلوب في الغناء، ثم كان لتفرد مصر في تلك الفترة تدشين الخديوي إسماعيل لأول أوبرا في مصر لاستقبال ملوك وأمراء أوروبا المشاركين في افتتاح قناة السويس، حيث عرضت بها أوبرا عايدة التي ألفها عالم الآثار الفرنسي (مارييت) ولحنها الموسيقار الإيطالي (فيردي).

هذا كله بجانب الموروث الشعبي الهائل من حكايات القصاصين والمنشدين والأدباتية والمداحين، مازالت مصر تبدع وتنتج مصر دومًا وأبدًا بوصلة الشرق ومنطلق الحضارة.

المصادر و المراجع